لقد فرضت حركة حماس نفسها في قطاع غزة في 2007 باستخدام القوة العسكرية، لتكشف بذلك عن ازدواجيتها وتلاعبها بالدول والوساطات، ففي الوقت الذي كانت تتحاور فيه في القاهرة، وتتفق على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد صراعات وأعمال عنف بينها وبين فتح، والتي كادت تجر الفلسطينيين إلى حرب أهلية، إذا بها تنقض على غزة عسكرياً، ضاربة بتلك الحوارات والوساطات والجهود العربية عرض الحائط.
و أن هذا الموقف وغيره يكشف بكل وضوح أن حركة حماس ليست جديرة بالثقة، ولا يمكن الاطمئنان بوعودها، ومن العسير احتوائها، لأن الخلل فيها ليس خللاً جزئياً، بل هو خلل كلي مستفحل من القاع إلى القمة، وحماس تجيد الرقص على الحبال، فهي تسير في الوقت نفسه على خطين كما هو طريقة تنظيم الإخوان: خط علني تتغنى فيه بالتفاوض والتصالح والوطنية ونحو ذلك من الشعارات، وتسعى من خلاله إلى تحقيق مصالحها، وهو خط الضرورات التي تبيح من وجهة نظرها فعل ما تتطلبه المرحلة، وخط آخر سري تُبطنه لتنفيذ أيديولوجياتها المتطرفة ومساعيها للهيمنة، وهو خط مرهون بالفرص السانحة، وما انقضاضها العسكري على غزة إلا ترجمة عملية لذلك.
كما تسعى حركة حماس إلى تأكيد حضورها في المشهد الفلسطيني الراهن، بخاصة مع التحركات التي تبدو متعددة المسارات والاتجاهات، بهدف إعادة تقييم وضعها الراهن بصفتها حركة سياسية وليست حركة مقاومة، وبما يدفعها إلى تطبيق ميثاقها السياسي الذي سبق وأعلنته واعترفت في مضمونه بحدود 4 يونيو 1967، وبالتالي مضت في مسارات محددة انتظاراً للتطورات المقبلة.
تعليق