هل السودان يمكّن أول امرأة تتقلد منصب"عمدة"؟
وسارت هذه الإدارة على النهج ذاته بتحكم زعيم القبيلة على مفاصل الحياة وأعبائها في المجتمعات الريفية، مقابل ما يجده من السمع والطاعة والاحترام من الجميع، لكن أحد نظار القبائل صرح لإحدى وسائل الإعلام المحلية أخيراً بأن "هناك اتجاهاً لإنشاء مجلس نظارة ونظاماً جديداً للإدارة الأهلية يستوعب جميع الطاقات، ويمكن أن يسمح النظام الجديد للمرأة بأن تنصب عمدة"، فهل مثل هذه الخطوة يمكن أن تجد القبول من تلك المجتمعات التقليدية؟ وما مدى واقعيتها من الناحيتين العملية والجدية؟
قانون الأسرة
محمد عبدالرحمن المشرف وكيل إحدى نظارات الإدارات الأهلية في السودان، قال "ترتبط الإدارة الأهلية بالأرض والإرث القائم، بالتالي فهي ليست وظيفة يتم التعيين لها من قبل السلطة أياً كانت"و أن "هناك خلطاً بينها والمحاكم الأهلية التي أنشئت أخيراً لكي تساعد الإدارات الأهلية في فض النزاعات، وأضاف أن "هذه المحاكم يمكن أن يمارس العمل فيها الرجل والمرأة معاً، باعتبارها تستند إلى وقائع وأمور قضائية وقانونية"
ويرى المشرف أن "المرأة السودانية من ناحية الكفاءة تتمتع بالحكمة والمعرفة ويمكنها ممارسة كل ما يتعلق بمهمات الإدارة الأهلية كالرجل تماماً، وفي أحيان أفضل منه، لكن الإدارة الأهلية لها أعباء وأدوار مفصلة على الرجل ويصعب على المرأة القيام بها، فالناظر أو العمدة لا بد أن يكون حاضراً في كل ما يتعلق بشؤون المنطقة التي تتبع إدارته، سواء بحلحلة المشكلات والقضايا الخاصة والعامة، أو مؤازرة الأهالي في كل أمور حياتهم، والتفاعل مع الإدارات الأهلية الأخرى في مناسباتهم، فضلاً عن أنه يقوم بتوجيه ريع أوقاف النظارة أو العمودية الاقتصادية لخدمة المجتمع المحلي ونظارته".
وبين أن مسألة النظارة أو العمودية تعتمد على قوة وحنكة الشخصية وما تحظى به من بعد اجتماعي، وأن الأسرة الكبيرة هي من تضع الشخص في هذه المكانة، وهو عرف سائد منذ الدولة السنارية التي أنشئت في عام 1504 بأن تكون لكل نظارة أو عمودية أرض تخصها تطلق عليها "حاكورة"، وهي حدود قائمة على العرف لمنفعة القبيلة.
ولفت المشرف إلى أن بعض الإدارات الأهلية أنشئ لها مجلس شورى يضم كل القطاعات من نساء وشباب وغيرهم، وذلك في محاولة واجتهاد لتطوير المؤسسة القبلية، لكن بشكل عام فإن رجل الإدارة الأهلية لا يسعى للسلطة، فهذه الإدارات عبارة عن مؤسسة اجتماعية تقليدية وليست مؤسسة مدنية مطالبة بالتطور المدني.
مجلس حكماء
في السياق، أوضح الباحث في الدراسات اللامركزية والحكم المحلي وكيل وزارة الحكم السابق في السودان صلاح الدين بابكر محمد، أنه "من المتعارف عليه في السودان أن كثيراً من أجزائه خصوصاً الريفية يسيطر عليها النظام العشائري كنمط من أنماط الإدارة التقليدية، وهو نظام سبق ظهور الدولة السودانية، حيث يعتبر شيخ القبيلة القائد الذي يقوم بإدارة شؤونها لما يتمتع به من شخصية مميزة، فهو يحكم بين أفرادها بالأعراف والتقاليد المتعارف عليها، ويساعده في ذلك مجلس من حكماء القبيلة وكبارها، وتجد أحكامه الرضا والقبول التام من جميع أفراد القبيلة".
وقال بابكر "يأتي ناظر القبيلة على رأس هرم السلطة في الإدارة الأهلية ويمثل واجهة القبيلة، يليه العمدة ويكون على رأس مجموعة من المشايخ في القرى والفرقان في حال الرحل، ويتم انتخابهم بواسطة المشايخ، لكن عادة لا تجرى انتخابات رسمية بينهم، لأن الأمر يخضع لعملية تشاور واسعة حتى ينسحب الجميع ويبقى شخص واحد يختار برضاء كل المشايخ".ش
تعليق