"رؤية الدعم السريع".. هل فكرة "السودان الفيدرالي" واقعية؟
بعد أربعة أشهر ونصف تقريبا من اندلاع الحرب في
السودان، قدم قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "رؤيته للحل
الشامل" للصراع، معتبرا أن النظام الفدرالي هو الأمثل لحكم البلاد.
وقال دقلو المعرف بـ"حميدتي" إن
قواته شبه العسكرية منفتحة على وقف طويل الأمد لإطلاق النار مع الجيش، وعرض رؤيته
"لتأسيس الدولة السودانية الجديدة"، في مبادرة أثارت جدلا بشأن إمكانية
إحياء الجهود الرامية إلى إجراء محادثات مباشرة بين طرفي النزاع المسلح.
ويتبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات
بالمسؤولية عن إشعال شرارة الحرب في 15 أبريل الماضي، بعد توتر استمر أسابيع بشأن
دمج قوات الدعم السريع في الجيش ضمن إطار خطة للانتقال إلى الديمقراطية.
ومن ضمن المبادئ التي ذكرها قائد قوات الدعم السريع أن "المواطنين في أطراف السودان يملكون سلطات أصيلة لإدارة شؤونهم
الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يتفقوا عبر ممثلي إقاليمهم
على السلطات التي تمارسها للقيام بما تعجز عن القيام به أقاليم السودان منفردة.
وتتعزز تلك السلطات الأصيلة لدى المجتمعات المحلية، التي تتقاسم معها الحكومة
القومية بالعدل السلطات والموارد".
وأضافت أنه "بسبب التعدد والتنوع الباهر
في السودان، فإن النظام الفدرالي غير التماثلي (أو غير المتجانس)، الذي تتفاوت فيه
طبيعة ونوع السلطات التي تتمتع بها الوحدات المكونة للاتحاد الفدرالي، هو الأنسب
لحكم السودان".
ويرى رئيس مكتب الشؤون الخارجية بالمكتب
الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، إبراهيم مخير، في حديثه مع راديو "سوا
سودان" أن المؤسسات السودانية المختلفة منذ الاستقلال في عام 1965 تعاني من
مشاكل مختلفة أدت إلى الوصول بأكبر بلد في أفريقا منقسما، حيث أصبح دولتين،
وانهيار اقتصادي، ومعاناة من فتن قبلية وانهيار النسيج الاجتماعي وأخيرا الحرب،
ولذلك فإن هذا الطرح يقدم رؤية واضحة للخروج من هذا المأزق".
في المقابل، يعتبر المحلل السياسي السوداني،
عمار عوض، أن خطاب حميدتي هو تجميع لكيليشيهات موجودة سابقا في كل أدبيات الحركات
المسلحة أو تنظيمات سياسية من اليسار واليمين.
ويرى القيادي في التيار الوطني، المعارض للحرب
الدائرة، نور الدين صلاح، في حديثه مع موقع "الحرة" أن ما عرضه حميدتي
"ليس مطلبا جديدا في المشهد السياسي السوداني، بل إن الكل متوافق على هذا
الأمر خاصة وأن السودان بلد ذو مساحة كبيرة وبها تنوع ثقافي وديني كبير للغاية،
وبالتالي فإن الأفضل الحديث عن نظام حكم يتبنى اللا مركزية ويعطي سلطات أوسع
لمستويات الحكم المدني وتكون هناك ترتيبات واضحة وعادلة في ما يلي قضايا السلطة
واقتسام الثروة".
وأضاف أن هذه القضية يجمع عليها كل السودانيين،
معتبرا أن طرح الميليشيا السريع لها هي "محاولة للتموضع في خانة الفاعل
السياسي وإعطاء الحرب التي يقوم بشنها مشروعية سياسية".
ووفق بحث نشره مركز دراسات الوحدة العربية في
ديسمبر 2021، فإن التجربة الفدرالية في السودان منذ تطبيقها عام 1994 لازمها عدد
من المشكلات، الأمر الذي أدى إلى عجز الولايات (الأقاليم) عن القيام بدورها وفق
اختصاصاتها وواجباتها، وبخاصة في مجال تقديم الخدمات الأساسية تجاه مواطنيها.
وأكد البحث أنه "كان للحكومة المركزية دور
في هذا التقصير من جانب الولايات بسبب السياسات غير الراشدة، بل حدث تدهور كبير في
بعض الولايات، كولايتي غرب كردفان والنيل الأبيض، حيث انعدم فيها أبسط مقومات
التنمية".
"ظل النظام الفدرالي مستمرا، استنادا إلى دستور
1998، بولاياته الـ26، إلى أن جاء عام 2005 حيث ذوبت ولاية غرب كردفان في ولايتي
شمال وجنوب كردفان، وأصبحت ولايات السودان 25 ولاية، وصار النظام ينحو إلى
اللامركزية شكـلا وليس تطبيقا"، بحسب المركز.
ومنذ 2005، يعتمد السودان على نظام اللامركزية
شكلا، بحسب صلاح، مشيرا إلى أنه "لا توجد فروقات كبيرة من حيث المفهوم مع
الفدرالية
تعليق