الدور البريطاني في إنهاء حرب السودان بين الطموح والخيبة
على رغم مرور ما يقارب عامين على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فإن الجهود والوساطات الدولية والإقليمية كافة التي بذلت تعثرت وفشلت في وقف الحرب حتى الآن، إذ أحرز بعضها شيئاً من التقدم لكنه توقف عند منتصف الطريق.
في هذه الأثناء أعلنت بريطانيا عزمها تنشيط الجهود الدولية بالدعوة إلى مؤتمر دولي لتحقيق التزام جديد بدعم عملية سياسية لإنهاء الصراع بالسودان، فكيف ينظر المتخصصون والمراقبون إلى الدور البريطاني تجاه حرب السودان؟ بخاصة بالنظر إلى العلاقات التاريخية بين البلدين، كونها الحاكم الاستعماري السابق للسودان، وحامل قلمه الحالي في الأمم المتحدة، والمسؤولة عن صياغة قرارات وقيادة المفاوضات في مجلس الأمن الدولي.
الدعوة البريطانية
في نهاية الأسبوع الماضي دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى “تحرك دولي عاجل لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان”، مشدداً على أن “السودان يجب ألا ينسى”.
وعبر لامي عن عزم حكومته تنظيم اجتماع دولي على مستوى وزراء الخارجية بهدف حشد الدعم وتحقيق التزام دولي جديد لدعم عملية سياسية تنهي الصراع الدامي في السودان، وضمان وصول المساعدات إلى المناطق الأكثر تضرراً.وطالب الوزير البريطاني، خلال زيارة خاطفة إلى مدينة أدري ومعسكرات اللاجئين السودانيين على الحدود التشادية – السودانية، المجتمع الدولي بعدم نسيان الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان التي لا يمكن تجاهلها.
وأعلن لامي عزم حكومته تقديم 20 مليون جنيه استرليني (25 مليون دولار تقريباً) إضافية لدعم اللاجئين الفارين من الحرب في السودان، تشمل هذه المساعدات تعزيز إنتاج الغذاء وتحسين المأوى ومياه الشرب والرعاية الصحية والتعليم، وذلك ضمن خطة أوسع أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ضاعفت خلالها دعمها الإنساني للسودان إلى 226 مليون ونصف مليون جنيه استرليني (283 مليون دولار تقريباً)، لتغطية توفير الغذاء لنحو 800 ألف نازح، أكثر من 88 في المئة منهم نساء وأطفال.
كفارة التقاعس
في السياق وصف وزير الخارجية السوداني السابق إبراهيم طه أيوب تصريحات وزير الخارجية البريطاني إثر وقوفه على الوضع المأسوي للفارين من جحيم الحرب الأهلية في السودان وتأكيده الحاجة إلى حل عاجل يوقف الحرب المدمرة، بأنها “تتسق مع مسودة القرار الذي سبق وقدمته بريطانيا لمجلس الأمن الدولي وأيده جميع أعضاء المجلس لكن أفشله الفيتو الروسي”.
وأعرب أيوب عن أمله في أن يجري “عقد المؤتمر الدولي الذي تدعو إليه بريطانيا لإنهاء الحرب في السودان عله يكون كفارة عن مواقفها السابقة التي اعتقد بعضهم أنها تقاعس من جانبها في السعي إلى مساعدة السودان منذ بداية الحرب، وهو ما فسره بعض المتابعين بأنه ناتج من ضعف حكومة حزب المحافظين السابقة وانكماش دورها الخارجي كنتيجة طبيعية للانقسامات داخلها”.
وأشار وزير الخارجية السابق إلى أن “المؤتمر المرتقب من شأنه أن يمارس مزيداً من الضغوط على القوى المسلحة التي تعمل على استمرار الاقتتال وتعرض أرواح المواطنين لأخطار القتل والمجاعة”، وتابع أن “وضع بريطانيا كصاحبة القلم على مستوى مجلس الأمن الدولي يضعها في الواجهة الدولية للدفاع عن مصالح السودان وشرح التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية فيه، وذلك مؤشر آخر على الأهمية التي تتمتع بها بريطانيا في الشأن السوداني دون غيرها من الدول”.
تعليق