بنسبة 66.3%.. السودان يقر زيادة جديدة في سعر الدولار الجمركي للمرة الخامسة
رفعت هيئة الجمارك السودانية السعر التأشيري للدولار الجمركي إلى 2,827 جنيهًا، في خطوة تعكس اتجاهاً حكومياً متسارعاً لإعادة تسعير الواردات بما يتماشى مع الانهيار المستمر في قيمة الجنيه، وتمثل خامس تعديل منذ بداية العام.ويعادل هذا المستوى زيادة تقارب 66.3% مقارنة بسعر يناير البالغ 1,700 جنيه، ما يسلّط الضوء على الضغوط المالية التي تواجهها السلطات في ظل اتساع الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية.
ويأتي القرار ضمن سلسلة تعديلات متقاربة تبنتها وزارة المالية خلال 2025، في محاولة لربط الرسوم الجمركية بحركة سعر الصرف الفعلية. غير أن هذا النهج أثار انتقادات واسعة من خبراء الاقتصاد الذين يرون أن الزيادات المتكررة في السعر الجمركي تُترجم مباشرة إلى ارتفاع في تكاليف الاستيراد، ما يضيف مزيدًا من الضغوط على مستويات التضخم المرتفعة أصلًا.
وكانت آخر زيادة كبيرة قد سُجلت في سبتمبر، عندما رفعت السلطات السعر التأشيري من 2,300 إلى 2,600 جنيه، بزيادة قدرها 300 جنيه، لتكون الزيادة الرابعة خلال أقل من ستة أشهر. وجاء ذلك في وقت كان الدولار في السوق الموازية يقترب من 3,750 جنيهًا، ما يعكس اتساع الفجوة بين السعر الرسمي وسعر التداول الفعلي، ويضعف قدرة السياسات الجمركية على تثبيت الأسعار أو توجيه حركة التجارة.
وتشير البيانات إلى أن العام شهد حالة واحدة فقط من الخفض، عندما تراجع السعر الجمركي في الأول من أغسطس من 2,400 إلى 2,313 جنيهًا، وهو تعديل محدود جاء بعد زيادة سابقة في يوليو رفعت السعر من 2,000 إلى 2,400 جنيه. وكان الهدف من تلك الخطوة تقليص الفارق بين السعر الرسمي والسوق الموازية، في محاولة لاحتواء المضاربات وتحسين قدرة المستوردين على التخطيط المالي.
وتعكس هذه التحركات واقعًا ماليًا أكثر تعقيدًا، إذ تعتمد السلطات على تعديل السعر الجمركي كأداة لتعويض تراجع الإيرادات العامة، في وقت تتقلص فيه قدرة الدولة على إدارة سوق الصرف أو التدخل في تحديد الأسعار. ويشير استمرار الفجوة بين السعر الجمركي والسوق الموازية إلى أن هذه السياسة لم تعد قادرة على ملاحقة التدهور السريع في قيمة الجنيه، خصوصًا مع تداول الدولار عند مستويات تفوق 3,700 جنيه خارج النظام المصرفي.
ومع دخول 2026، تبدو سياسة التسعير الجمركي مرشحة لمزيد من التعديلات، خصوصًا إذا استمرت الضغوط على الجنيه وتواصلت الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية. وتشير الاتجاهات الحالية إلى أن السلطات ستواجه معضلة متزايدة بين الحاجة إلى زيادة الإيرادات عبر رفع السعر الجمركي، وبين المخاطر التضخمية التي قد تترتب على أي تعديل جديد في بيئة اقتصادية تتسم بضعف الإنتاج وارتفاع تكاليف الواردات.

تعليق