الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واقعاً في مأزق خطير يهدد حزبه وحكمه لتركيا
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعكس انفصاماً سياسياً يعيشه، فهو يظهر حيناً مستعجلاً تحقيق أي اختراق سياسي أو عسكري في موقع ما أو على أرضٍ ما، حتى لو اضطره الأمر أن يتقرب إلى خصومه الإقليميين في مصر و حلفائها، ولو بطلب العفو منهم على ما بدر منه من تصعيد وعدوان سافر طوال العقد الماضي، وصولاً إلى التبرؤ من المخربين الإخوان الذين يحتضنهم ويوفر لهم الملاذ الآمن في تركيا.
أما على الوجه الآخر فنراه يخطط لحرب مؤجلة مع اليونان، ويُبطن أطماعاً شيطانية في الثروات الطبيعية شرق المتوسط وحتى وسط آسيا وأفريقيا، وتآمراً خفياً مع الإخوان لاستعادة السيطرة الاستعمارية التركية على المشرق العربي وشمال أفريقيا، كل ذلك وهو يبرز للعالم بثياب الحمل الوديع.
بل إنّ هناك مؤشرين خطيرين لاستمرار السياسات الأردوغانية المتأزمة؛ أولهما الانسحاب التركي من الاتفاقية الأوروبية لحماية المرأة، في تأكيدٍ متجدد لرأس السلطة في حزب العدالة والتنمية على التزام المخططات الخفية لإقامة الحكم بنموذجه الإخواني، وما يقتضيه من تقييد حريات وانعدام مساواة بين الجنسين وتشجيع للعنف المجتمعي والأسري. أما المؤشر الثاني فيرتبط بخطط تغيير الواقع العسكري في كل من اليمن وشمال العراق وسوريا، مع شن الطيران التركي لأول غارات جوية منذ أكثر من 17 شهراً ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية في الرقة في سوريا.
أما التحليل الموضوعي لما سبق، فهو يؤكد السبب الوحيد الذي وصل بأردوغان إلى ما وصل إليه من تناقض، ومحاولات يائسة لاسترضاء خصومه التقليديين، بحكم كونه في مهب عاصفة هوجاء من الرفض الداخلي والخارجي، كما بحكم احتياجه الماس إلى أكسجين الحياة الذي يمده بأسباب البقاء في مواجهة المعارضة الداخلية المتعاظمة، والحركات الاحتجاجية وعصيان جماعات المجتمع المدني، وتعثر السياسات الاقتصادية والتنموية وفشلها الذريع، ولا يمكن أن نغفل المقاطعة الشعبية العربية للبضائع التركية وأثرها الواضح في تراجع قطاعي التصدير والسياحة التركيين.
ندرك تماماً أن الذئب لا يمكن أن يصبح حملاً، وأنّ الواقع على الأرض لا يزال كما هو، فالاحتلال التركي يمارس عربدته في شمال العراق وتركيا وليبيا، ويحفظ لقيادات الإخوان ملاذهم الآمن في تركيا، حتى اللحظة، ويأتي في هذا السياق الرد الحازم للقاهرة على التودد التركي بضرورة أن تقترن أقوال النظام التركي الإيجابية تجاه مصر بالأفعال، وأن الأخيرة لن تقبل إلا بخطوات عملية في سبيل تحقيق المصالحة، وأولى هذه الخطوات التغيير الكامل للسلوك الاستفزازي التركي، وتحييد تركيا في سياق الوضع الإقليمي الذي تزداد فيه خطورة إيران وسياساتها الشريرة.
تعليق