يتزايد في السودان بشكل كبير زخم الغناء القديم أو ما يعرف محليا بغناء "الحقيبة"؛ حيث اجتذب هذا النوع من الغناء شريحة كبيرة من الشباب خلال الفترة الأخيرة، ينشط حاليا عدد من الفنانين في استديوهات التلفزيونات والإذاعات وشركات الإنتاج الخاصة في العمل على إعادة إنتاج وتسجيل مجموعة من الأغنيات القديمة التي باتت تلقى قبولا كبيرا في أوساط شباب الجيل الحالي
ويعود تاريخ فن الحقيبة إلى أكثر من 9 عقود؛ وهو يتميز برصانة كلماته وأشعاره وتنوعه.ويقوم غناء الحقيبة على السلم الخماسي وهو السلم الموسيقي الذي تنتمي اليه موسيقى دول مثل الصين واسكتلندا وموريتانيا وجنوب المغرب وإريتريا والصومال.
وامتزجت موسيقى الحقيبة بالتراث الموسيقي الإفريقي والنوبي القديم؛ وكانت تستخدم فيها الآلات الإيقاعية ثم ادخلت عليها لاحقا آلات وترية أبرزها الطنبور أو الربابة، إلى جانب المزامير والطبول النحاسية الكبيرة.وبدأت أغاني الحقيبة في الانتشار بشكل أوسع في العام 1940 بعد إنشاء الإذاعة الوطنية في مدينة أم درمان التي تشكل الضلع الثالث للعاصمة السودانية.
أخذت موسيقى الحقيبة في التطور من ناحية النصوص والتلحين والآلات. وظهر في تلك الفترة عدد من عمالقة الفن السوداني التي ما تزال أعمالهم تسيطر على الوجدان الشعبي حتى اليوم. كما عرفت تلك الفترة أغاني الفرق الفنية الثنائية مثل ثنائي العاصمة وثنائي النغم، والثلاثية مثل البلابل أو الجماعية مثل مجموعة عقد الجلاد.
ويشير الصافي مهدي استاذ الموسيقى في الجامعات السودانية إلى مجموعة من الأسباب التي دفعت في اتجاه اهتمام الشباب بالغناء القديم.ويقول مهدي إن الغناء السوداني القديم يعكس عمق ورسوخ الحضارة السودانية، وهو ما يعطيه صفة الديمومة مهما تغيرت الأجيال أو الظروف الثقافية والاجتماعية.
ويؤكد أمجد السراج وهو من الفنانين الشباب الذين برزت أعمالهم بقوة خلال السنوات القليلة الماضية؛ أن اهتمامه بالغناء القديم جاء بسبب رصانة وقوة كلمات ونصوص الأغاني القديمة وتميزها بالتعمق في التراث السوداني الأصيل.وأضاف السراج إن الفن القديم بدأ يكتسب مساحة أكبر من الاهتمام في أوساط الشباب، مما يعكس درجة عالية من الوعي والتذوق.
وقال رامي كمال؛ وهو أيضا من الفنانين الشباب المهتمين بإعادة إنتاج الغناء القديم؛ إلى وجود هوة شعرية كبيرة جعلت الكثير من المغنيين الشباب المهتمين بجودة ورصانة الكلمة للبحث عما يريدون في حقائب الفن القديم المليئة بتلك المميزات، ويؤكد كمال على ضرورة تشجيع مؤسسات الدولة الرسمية والثقافية بهذا التوجه المهم الذي يساعد على حفظ التراث الغنائي السوداني.
تعليق