دولة الإمارات.. نموذج حضاري في تعزيز الأخوّة الإنسانية وتخطيط المستقبل
دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت نموذجاً متميزاً في تعزيز الأخوّة الإنسانية والتخطيط العلمي نحو المستقبل في مختلف القطاعات، حيث تتبنى الإمارات نهجاً حديثاً يستند إلى النظر إلى المستقبل والتخطيط الدقيق للتطوير والتقدم.كما لفت الدكتور محمد الضويني الانتباه إلى أن هذا النهج الحضاري ليس جديداً على الإمارات، بل هو استكمالاً لما رسمه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتبناه أبناؤه اليوم كرسالة مستمرة للتقدم والريادة في جميع المجالات، من الاقتصاد وحتى الفضاء.
خلال المحاضرة التي ألقاها الدكتور محمد الضويني في مجلس محمد بن زايد الرمضاني بحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أوضح الضويني أن الواقع العالمي الحالي يخلق ما يُعرف بـ “قلق المستقبل” الذي يعيشه الإنسان، ولكن هذا القلق لا ينبغي أن يكون سمة للإنسان المسلم، بل يجب عليه أن يخطط للمستقبل بإيجابية في ضوء نتائج الماضي ومستجدات الحاضر، وأكد على أن القرآن الكريم يشجع على التخطيط المستقبلي بإيجابية وتفاؤل، ويؤكد على أهمية الاستفادة من تجارب الماضي لتحقيق تطور وازدهار في المستقبل.
أدار مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، خليفة مبارك الظاهري، المحاضرة التي تضمّنت ثلاثة محاور رئيسة، وهي “الإنسان والمستقبل”، “الإنسان والقيم الدينية والأخلاق الحضارية”، و “القيم الإنسانية وتحدياتها المعاصرة”. وبدأت المحاضرة بعرض فيديو عن دور دولة الإمارات في تأصيل القيم الإنسانية وفطرة التسامح، وكيفية صناعتها للسلم والإخلاص والتفاني والحب والسلام بين البشر بمختلف دياناتهم. وقد بدأ الضويني حديثه عن “علاقة الإنسان بالمستقبل” برسالة محبة وتقدير لشعب الإمارات وحكامها، نقلها عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر. وأكد أن اختيار عنوان المحاضرة يعكس رؤية مبشرة ووعي بالغ لدى دولة الإمارات وقادتها لإدراك ما يواجهه الحاضر الإنساني من تحديات والمستقبل من متطلبات، وأشار إلى أن استشراف المستقبل والتخطيط له أمر ليس بجديد على دولة الإمارات، بل هو نهج رسمه الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار عليه أبناؤه.
ويرى الضويني أن التعاون الدولي والتفاهم بين الشعوب هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات التي يواجهها العالم المعاصر، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. ولذلك، يشجع الحضور على المشاركة في الجهود الدولية لتحقيق هذه الأهداف، وتعزيز قيم السلام والتسامح والمحبة والتعاون في كل مكان. كما يؤكد على أن دولة الإمارات تدعم بفعالية هذه الجهود الدولية، من خلال تعزيز التعاون الدولي والتفاهم بين الشعوب، ونشر ثقافة السلام والتسامح والاحترام المتبادل. ويعتبر الضويني أن هذه الجهود الدولية المشتركة هي الأساس لتكوين عالم أكثر سلامًا وأمانًا للإنسانية جمعاء.
وأضاف، الضويني أن الإنسان يشعر اليوم بما يسمى بـ “قلق المستقبل”، وهو أمر يتطلب منا جميعًا التفكير بجدية في تأثير التحديات العالمية على مستقبل الإنسانية. وأكد أنه لا ينبغي للإنسان المسلم أن يخاف من المستقبل، بل يجب عليه التخطيط له بحكمة وعقلانية، استنادًا إلى تجارب الماضي ومستجدات الحاضر. ونوّه إلى أن القرآن الكريم يشجع على التخطيط المستقبلي، ويعتبره أساسيًا في فكرة الدين، ويقدم العديد من القصص والعبر التي تؤكد على أهمية التخطيط، وتعزز إيجابيته، وأشار إلى أن التخطيط لا يتعارض مع التوكل على الله والقضاء والقدر، بل يمكن أن يكون جزءًا منها، وأن الجنة هي مشروع مستقبلي يجب على المؤمن التخطيط للوصول إليه بالمثابرة والعمل الدؤوب.
وأشار الضويني إلى أن التخطيط المستقبلي ليس مجرد شعار براق، بل هو علم يعتمد على أسس وأدوات متطورة تستخدم الماضي والحاضر لبناء المستقبل. ويؤكد على أنه لا يجوز للمسلم أن يتخلف عن علوم المستقبل أو يعيش بمعزل عنها، بل يجب عليه الاهتمام بالتخطيط المستقبلي وتطوير مهاراته فيه. ويشجع الضويني العالمين العربي والإسلامي على اعتماد دولة الإمارات كنموذج مشرف للتخطيط العلمي نحو المستقبل في مختلف القطاعات، بدءًا من الاقتصاد وحتى الفضاء.
وفي حديثه عن “إدارة المستقبل والقيم الدينية”، أشار الضويني إلى أن الإخوة الإنسانية تعد العلاج الأمثل لما يحمله الواقع من تحديات. وأوضح أن هذه القيم تنادي الناس بضرورة التعارف والتعايش والتواصل والحوار، وأن إقرار هذه المبادئ لا يعني أبدا التفريط في الحقوق أو الاعتداء على الخصوصيات أو مسخ الهويات أو الإساءة إلى المعتقدات، على عكس ما يعتقد البعض.
كما أكمل حديثه عن قيمة التسامح في الشرائع السماوية، أوضح الضويني أن هذه القيم موجودة بشكل وافر في النصوص السماوية، وأنه لو تم تلقيها بعيدًا عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، لأمن كل إنسان على نفسه في أي مكان وأي زمان. وأشار إلى أن الإسلام جاء بجملة من المبادئ الأخلاقية والقيم الحضارية التي تعصم النفوس، وتحفظ الأرواح، وتضبط حركة الحياة والأحياء، وأنه لا يوجد فرق بين بني الإنسان، بسبب اللون أو الجنس أو اللسان، فهم جميعًا من أصل واحد: أب واحد وأم واحدة.
الإمارات وترسيخ الدول
أشار وكيل الأزهر الشريف، الدكتور محمد الضويني إلى أن دولة الإمارات تعد من أولى الدول التي سعت إلى ترسيخ القيم الإنسانية وإعلائها، ونشرها على شعوب العالم، بهدف إنقاذ البشرية من الأزمات الحادة والأفكار المنحرفة. وأوضح أن إعلان أبوظبي في عام 2014 عن تأسيس مجلس حكماء المسلمين يجسد التزام الإمارات بتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة وتجنيبها عوامل الصراع والانقسام، ونشر قيم التسامح والتعايش الإنساني، وكذلك تأسيس منتدى أبوظبي للسلم، وتوجيه جهودها ومساعيها المتواصلة لنشر قيم السلام والمحبة والتواد بين شعوب العالم.
وثيقة ذات أهمية قصوى في تاريخنا المعاصر
أكد وكيل الأزهر الشريف، أن احتضان أبوظبي لوثيقة الإخوة الإنسانية، التي أطلقها شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان وأقرتها الأمم المتحدة، تشير إلى أنه ليس من الصعب على شعوب العالم بأسره التمسك بالقيّم الإنسانية المتفق عليها، دون التعرض للعقائد وخصوصية الأفراد. وأوضح أن وثيقة الإخوة الإنسانية تضمنت قيمًا نبيلة نصت عليها الشرائع السماوية، وأكدت على حقوق الإنسان في الحرية المسؤولة في العقيدة والفكر والتعبير والممارسة.
وأضاف الدكتور الضويني أن الوثيقة أرست آداب التعامل في ظل التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة، ودعت إلى الحوار المبني على التسامح وقبول الآخر، وبناء العدل على الرحمة، وغيرها من المبادئ التي تضمن للإنسان مقومات الحياة الكريمة، وتمكّنه من التغلب على المنغصات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تحرمه من بهجة الحياة.
تعليق