استمرار الصراع المُسلح في السودان يفاقم الأزمات النفسية.. "أمراض النزوح"
ألقى استمرار الصراع المُسلح في السودان بتداعيات واسعة على تفاقم الأزمات الإنسانية والصحية في البلاد، في الوقت الذي أدت الحرب التي لا أمل في وقفها على المدى القريب في نزوح آلاف الأسر مع أطفالهم من العاصمة الخرطوم إلى ولايات أخرى أو دول مجاورة بحثا عن الأمان.
وأظهرت بيانات منظمة الأمم المتحدة للهجرة، عن تضاعف عدد النازحين داخلياً في السودان خلال الأيام الأخيرة، إذ نزح ما يزيد 700 ألف شخص منذ منتصف أبريل الماضي، في ظل استمرار القتال بين طرفي النزاع.
بالإضافة إلى حالات النزوح الداخلي الجديدة، قدّرت الأمم المتحدة، فرار أكثر من 100 ألف شخص، من المواطنين السودانيين والعائدين من رعايا الدول الأخرى، إلى البلدان المجاورة، لا سيما تشاد ومصر وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وإثيوبيا.
فرق طوارئ للدعم النفسي
وقال مسؤول مُطلّع بوزارة الصحة المصرية، إنه جرى وضع خطة على الفور لتقديم الدعم النفسي للمصريين العائدين من السودان، وكذلك النازحين السودانيين، أو رعايا الدولة الأجنبية، شملت تجهيز "عيادة دعم نفسي" على المعابر الحدودية بمدينة أسوان الجنوبية؛ بهدف علاج ما يُطلق عليه "أمراض النزوح"، خاصة للأطفال والمراهقين والسيدات.
وأشار إلى زيادة عدد الفرق المتخصصة في تقديم خدمات الدعم النفسي والمشورة، على المعابر خلال الأيام الأخيرة مع تزايد عدد النازحين، وتجهيز عدد من المستشفيات في أسوان لاستقبال الحالات الأكثر احتياجا للعلاج النفسي، فضلًا عن إتاحة خدمات الخط الساخن "16328" لاستقبال أي طلبات للعلاج أو الدعم والتعامل معها على الفور.
وضع صعب
ويعتقد استشاري الطب النفسي جمال فرويز، والذي عمل استشارياً للطب النفسي لدى الأمم المتحدة بعدد من مناطق النزاع، إن هناك العديد من الأمراض النفسية التي تخلفها الصراعات تفوق في تأثيرها الأمراض العضوية، خاصة بالنسبة للأطفال والسيدات ممن شاهدوا الدمار والقتل.
وحدد "فرويز" في تصريحات، تأثير الصراع بالسودان على تفاقم الأمراض النفسية في عدد من النقاط، قائلًا:خلال عملي ضمن فرق الأمم المتحدة في دارفور وجنوب السودان، شاهدت تضرر الكثير من الأسر جراء النزوح والقتال، إذ يسقط العديد من القتلى والمصابين، وهناك من يترك منزله وبالتالي أدى ذلك لتزايد الأزمات النفسية والعصبية.
والكثير من النازحين يعانون من اضطرابات نفسية، فالأطفال يعانون من الهلع واضطراب النوم والخوف المستمر من المصير الذي ينتظرهم، وهناك من فقد أولاده أو أطفال فقدوا آبائهم، وكل هذا يكون مصحوبا بأمراض واضطرابات نفسية.
أبرز الأمراض النفسية التي يعاني منها النازحين تتمثل في: الاكتتاب، وأعراض ما بعد الصدمة، والوسواس القهري، واضطرابات النوم، والقلق والتوتر، فضلا عن الانسحابية والشعور بالاضطهاد. من الضروري متابعة القادمين من السودان بشكل مستمر وعبر فرق متخصصة في العلاج النفسي؛ لتمكينهم من تجاوز الفترة الصعبة التي عاشوها منذ اندلاع القتال.
ما فعلته وزارة الصحة المصرية من نشر فرق نفسية وتجهيز عيادات متخصصة على منافذ الدخول أمر مهم للغاية، ويجب استكمال ذلك بمتابعة القادمين لمدة 6 أشهر حال ظهور أعراض ما بعد الصدمة.
تعليق