تجار بأم درمان يشتكون من رسوم باهظة تفرضها السلطات تحت مسمى “الخدمات”
تزايدت حالة الاستياء في أوساط أصحاب المحلات التجارية بمنطقة أم درمان، خاصة في محلية كرري، بعد فرض جهاز تطوير وتحصيل الموارد الموحّد بولاية الخرطوم رسوماً مالية، وصفها المواطنون والتجار بـ”الباهظة وغير المبررة”، تُحصَّل تحت مسمى “خدمات”. ووفقًا لمستندات متداولة، فقد طُلب من أصحاب المحال سداد مبالغ تصل إلى 3 مليارات و600 مليون جنيه سوداني (بالقديم)، تحت طائلة الحجز والمصادرة في حال عدم السداد خلال 72 ساعة فقط.
ومن أبرز نقاط الجدل التي أثارت سخط المواطنين، غياب الإيصال الإلكتروني المعتمد من قبل وزارة المالية، حيث تُسلَّم الإيصالات في شكلها الورقي القديم، ما يعيد إلى الأذهان مخاوف الفساد والمحسوبيات التي ظنّ كثيرون أن السودان بدأ يتعافى منها.إحدى الوثائق المتداولة، صادرة من فرع جهاز تطوير وتحصيل الموارد بمحلية كرري، تطالب أحد التجار بسداد مبلغ غير موضح التفاصيل، مع التهديد بتحويل الملف إلى وكيل النيابة في حال عدم الدفع خلال 72 ساعة.
وتساءل عدد من التجار المتضررين عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “خدمات شنو؟ نحن من أول يوم فتحنا المحل في زمن الحرب، ما في كهرباء، لا أمان، ولا زبائن، بل سرقات وركود اقتصادي”. وأضاف أحدهم: “بدل ما تعوضونا كدولة عن الخسائر، تجونا برسوم ما معروفة مصدرها، وتقولوا خدمات؟ ما في أي خدمات، دا استنزاف صريح لجيوب المواطنين”.
انتقد ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ما وصفوه بعودة الفساد الإداري بصورته القديمة، حيث أشار بعضهم إلى أن استمارات التحصيل لا تحتوي على أرقام حسابات رسمية أو توضيحات للبنود المحصّلة، مما يفتح المجال أمام التجاوزات المالية. وكتب أحدهم: “رجعنا نفتح أبواب الفساد من جديد. لا خدمات، لا دعم للتجار، بس تجيبوا قروش من المواطن الغلبان!”.
ويطالب أصحاب المحلات والناشطون المدنيون السلطات المعنية في وزارة المالية وولاية الخرطوم بضرورة إلغاء هذا النوع من الجبايات غير القانونية، وإيقاف الحملات التي تفتقد الشفافية.كما دعوا إلى التحقيق في مدى قانونية تلك الإيصالات وتبعية الجهات التي تصدرها، وإلزام كل مؤسسات الدولة باستخدام نظام التحصيل الإلكتروني المعتمد، لضمان المحاسبة ومنع أي تلاعب.
وفي ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تعيشها الخرطوم ومحيطها منذ اندلاع الحرب، يعاني المواطن والتاجر على حد سواء من انعدام الموارد، وانقطاع الخدمات، وتدهور الوضع الأمني.ويؤكد عدد من التجار أنهم فقدوا كل شيء خلال الحرب، ويتساءلون: “إذا الدولة نفسها ما قادرة تعمّر، كيف تطلب من المواطن دفع رسوم خدمات غير موجودة؟”.
وبينما تبرر الجهات الرسمية حملات التحصيل بأنها تهدف إلى دعم الخدمات المحلية، يرى المواطنون أن الوقت غير مناسب لمثل هذه الإجراءات، ويطالبون بتجميد الرسوم ومحاسبة كل من يثبت تورطه في فرض جبايات غير قانونية على المواطنين.
تعليق